/

مقال الرأي

أحوال الناس

والقلم وما يسطرون


بقلم/ سراي هشام-- إن قلمي هذا يكتب ويستحي ان يكذب ...يستحي ان يكذب لأنه يستنشق مني أنفاسه ويأخذ مني حركاته وعلى ذكرياتي يعانق الوحي ويخط كلماته ،قلمي هذا الجامد المتحرك كائن حي على غرار ما يقوله الآخرون وساحر يعشق القفز على الأسطر ، فينسج بأمر من أناملي قصصا و حكايات ، يهادن مني الآهات ويرقص على بساط الحياة على وقع الفرحة مني والابتسامات، وبينما تتهاوى الأمم وتركع الهمم يقف قلمي يرصد اللحظة ويفتح بين ثناياي الجرح فيصف ذالك الصراخ الصادر مني عند غرقي ، فتنتفض الأحرف لألمي وتحيا على وقعه دفاتري وورقي ،قلمي هذا صديق قديم قدم كتب جدي الصفراء ، علمني ان الحياة كÙ! �مة وان سر الكلمة حب ووفاء وعلمني أن الحقيقة قد تصمت دهرا من الزمن لكنها لا تنتهي ولا تموت قد نرميها في زنزانة و نحرق أطرافها ونحاول القضاء على معالمها لكنها راسخة وخالدة في الذاكرة ، علمني ان الثورات كانت تقتدي بما كان يدونه ويكتبه فيستمع الثائرون لما أقول فتتمزق الأشلاء لنداءاتي ، وفي الليلة الصماء في ظلمة السجن على جمر الضيم لم يجد سجين الكلمة من حضن دافئ يؤويه ولا صديق يستمع فيصدقه الاستماع ولا حبيب يهدهد الخاطر ويضمد الجراح ماعدا هذا الأنيس الصدوق ، انه القلم الذي خطت به الكتب المقدسة ورويت به أنباء الغابرين و الصالحين وأساطير الأولÙ! �ن ، أوليس بحد القلم أذعنت بلاد الر! وم وØ �لاد فارس وبلاد إفريقيا ، أليس بحد القلم حفظ القرآن وما حرف فحفضنا به ونلنا بكل تلاوة أجرا ، ألم تسقط أنظمة السواد والطغيان بفعل أقلام ساخطة صاخبة وارتفعت لواءات الحرية ، وما ظفر العاشق المتيم بقلب حبيب إلا بفعل قلم شاعر شفاف ... نعم إنه القلم الذي لربما شطره أحدهم إلى نصفين عندما استشاط غضبا وما أدرك أن فيه سر البقاء أو الفناء وما وعى أن الشيطان به مضى وانقضى ، أننا لا نقدر هذا الكائن الحي قدره ولا نجله حق جلاله ولا نذكره في دفاترنا ومفاخرنا فتعرض لدهر من الزمن إلى الأظطهاد والتهميش الأدبي والفكري ، لست أعلم إلى أي درجة قد أكون مصيبا لكن هذØ! § ما أشعر به من مسؤولية تجاه قلمي وما أحمله من الوفاء له ولست أجد حرجا في هذا إذا كان ربنا أقسم به لعضمه فقال "و القلم وما يسطرون" ، ولا يختلف الأمر عندي صدقا إن كان قلمي ذهبيا أو فضيا أو حتى حديديا لكن المهم هو أن يظل قلمي حيا بينما أنا في التابوت و صارخا عاصفا إذا ما أخرستني الأهوال والمحن و قويا عصيا أذا ما وهنت وذهبت ريحي ، ليس المهم عندي ان أنال المجد بكلماتي ولكن الأهم هو أن أصدق المقال واخترق جدار السكون فأقتلع جذوره الملعونة وأحوله إلى ضجيج عاقل حكيم ،و الأهم هو أن نروي سيرهم عندما ولدوا وكيف عاشوا وكيف ماتوا ا وعلى أي نهج استقاموا Ù! �أن نحكم الضمير فيهم ، أن مثل القلÙ! … الص الح والكاتب كمثل الأرض الخصبة كلما صدق الفلاح في خدمتها خدمته ورفعت من شأنه وأغنته عن من سواه وأمدته العطاء جيلا بعد جيل .