/

مقال الرأي

أحوال الناس

السيدة ح


بقلم/ هند جودر-- صاحبنا السيد ن ذو اللحية الطويلة المحناة، والعباءة القصيرة أو كما يسميها القميص والسروال القصير أيضا، رجل ليس ككل الرجال. هكذا وصف نفسه على الأقل وهو الباحث عن امرأة ليست ككل النساء. فلقد كان على فتاة أحلام صاحبنا أن تكون جميلة جدا، تعلمة جدا والأهم من كل هذا أن تكون قابلة للبرمجة جدا جدا . تقصى الإخبار وجاب الأمصار طويلا بحثا عن هذه الفتاة الخارقة وكله ثقة بأنه سيعثر عليها. كان كلما التقى بإحداهن وضعها تحت الاختبار أملا في أن تستوفي الشروط. لكن للأسف كل محاولاته قد باءت بالفشل .

مرت سنوات وصاحبنا على حاله، الفتاة، الفتاة، الحقيقة انه حير الألباب وتعاطف معه سائر الأحباب. كل الفتيات اللائي تقدم لخطبتهن اتفقن على رفض الشرط الأخير والذي هو الأهم لصاحبنا.
صاحبنا الذي يئس، قرر الإضراب عن الزواج إلى أجل غير سمى.
وبعد تفكير طويل اهتدى إلى حل يرضي ميوله ويحقق بعضا من طموحه الغامض في الحياة.

فقد تنازل صاحبنا الجليل ذو المبادئ الصلبة والأفكار الخارقة عن كل شرط ما عدا الشرط الأخير. تقدم أخيرا وبعد جهد كبير وبحث عميق لخطبة فتاة تصغره بنصف عمره، لم تكن جميلة جدا ولا متعلمة أصلا، لكنها كانت قابلة للبرمجة جدا جدا.
فتاتنا كانت بسيطة مطيعة تقدس الرجل وترى أن المرأة وجدت فقط لإرضائه وخدمته والولاء له . بعد الزواج تورد وجه صاحبنا انتفخ بطنه وبطن السيدة ح تماما مثل أفكاره.

جلسنا ذات مرة إلى مائدة وشعرت أن السيدة ح كانت مترددة في أخذ الطعام إلى فمها فيبدو أن صاحبنا لم يأذن بعد . ويبدو أن احبتنا لم تكن تبتسم حتى أو تتكلم أو ربما تتنفس إلا بإذنه .وربما هي لا تذهب إلى المرحاض أيضا .

السيدة ح لا تناقش أحدا من أفراد العائلة وإذا فعلت فعليها أن تدخل الكلام وتحفظه في الذاكرة لتعيده على سمعه . إنها عنزة مبرمجة هكذا أرادها وهكذا كانت . وبعد كل نقاش مع صاحبنا ..الحوار بين قوسين..أكون في حاجة إلى حمام ساخن وأحيانا بارد على حسب الموضوع المطروح للتخفيف والتخلص من بقايا اللعاب المتطاير من فمه وغسل وسخ غير مرئي يصيبنا عميقا في الروح أو ربما جعلت استمع لبعض الموسيقى حتى أصل برأسي إلى بر الأمان.