/

مقال الرأي

أحوال الناس

المجلس التأسيسي بين المسؤولية التاريخية و احتراف العرقلة


بقلم/ منجي باكير-- لاشكّ أن هذا الشعب الذي عانى الويلات طيلة العقود الماضية و الذي ضحّى فقراؤه و مهمّشوه قبل غيرهم بأرواحهم للقيام بثورة على آلة الظلم و القهر و الطغيان المندحرة ، هذه الثورة الشعبية التي لا دخل فيها لأي حزب أو قيادة ،،
وهو الذي قام بعملية انتخابية تحدّى فيها كلّ العراقيل و صوّت لمجلس توسّم فيه كلّ خير و أسند له مهمّة القيام بإنجاز دستور و تكوين أُطُر دولة تستجيب لمطامحه و تسعى لنشر العدل و تضمن له الحرية و الكرامة ،،
قلت لاشكّ أن هذا الشعب ينتظر من مرشّحيه و نوّابه أن يكونوا على قدر كبيرمن المسؤولية و أن يجعلوا في اعتباراتهم فقط مصلحة البلاد و لا شيء غير هذا ! و أن يقطعوا مع رواسب الماضي المقيت و أن تتبدّل لديهم صورة نائب الشعب !!
لكن ما نتابعه على المباشر في نقل وقائع التأسيسي يجعلنا نحسّ بالمرارة و نشعربالأسف الشديد حينما نرى نوّبا ينسون رسالتهم و ينخرطون في مهاترات هامشية يثيرون بها شغبا و غوغاء تستدرج آخرين حتى يحيد المجلس على مسار عمله في طرح الفصول القانونية و مداولتها للتصديق عليها ليصبح الحوار دائرا في حلقة جوفاء لا تتعدّى كيل التهم و الردعليها ...

صحيح أن هذه الفئة القليلة لم تستوعب صدمة الانتخابات و لم تهضم بعد أن تنظيراتها العاجية لم تكن تعني الشعب في شيء و لهذا هو لم يصوّت لها و لم يخترها و هي ما زالت تعاند في مكابرة النّواب الذين فوّضهم غالبية الشعب في عملية انتخابية حرّة و نزيهة ،،، و صحيح أنّهم أصبحوا خارج اللعبة السياسية و خارج دائرة القرار و ذلك لعدم اقتناع هذا الشعب بما قدّموه و ما روّجوا له .

لكن هذا لا يسمح لهم بأن يحترفوا عرقلة سير الجلسات و أن يمارسوا المعارضة فقط للمعارضة .. و من العيب أن ينفلت كل لحظة أحدهم ليشنّف أسماعنا بكيل من التهم للطرف المقابل و أن ينخرط في بُكائيّة تشعّ نفاقا على مصلحة الشعب ،،،
و ليؤمن منظّري الديمقراطية و دعاة الفرنكوفونية و العلمانية و اللاّئيكية أن الشعب _ صاحب الحق الوحيد _ قال فيهم كلمته الفصل و جعلهم في أحجامهم الحقيقية ، و اللعبة الديمقراطية التي ينادون بها ظاهرا و ينكرونها باطنا تقتضي التسليم للأمر الواقع و أن يتركوا المسيرة تستمرّ إن كانوا يريدون فعلا مصلحة تونس و يحرصون على نهوضها و معافاتها ...