/

مقال الرأي

أحوال الناس

مراد مدلسي: الجزائر كان يمكن أن تبقى فرنسية


نعم، نُدرك بعمق أن التردّي في الأداء الوزاري الجزائري بلغ مستوى تعتذر معه أبلغ اللغات عن الوصف.. ولكن أن يبلغ التردّي هذا المستوى الذي كشف عنه " معالي" مراد مدلسي :" أقول لأصدقائنا في بروكسل إنه لا يوجد أوروبيون أكثر من الجزائريين ولو كان التاريخ مختلفا لكنا بلدا كامل العضوية في الاتحاد الأوروبي”، ثم تابع “إلى غاية معاهدة روما كنا لا نزال فرنسيين وهذه حقيقة تاريخية".. فالأمر يستدعي الشهداء من بقايا المجاهدين أن "يندبو بقرداش" كما يستدعي الأمر إلى الإقرار أن تعيين حشّاش، منسي في غابة مهجورة، في موقع وزير خارجية، لن يكون أسوأ مما هو قائم، ولن يصدر عن الحشّاش مهما لعبت الزطلة برأسه ما يدعو إلى التقيأ والاشمئزاز من نتانة التصريحات الدبلوماسية..

ما الذي دعا "معالي" مدلسي أن يصرّح بما صرّح به، وما هي الطبيعة الحقيقية من زيارته إلى "أصدقائه" في الجمعية الفرنسية.. وهل هو مُلزم أيضا أن يقدّم إجابات عن استفسار "أصدقاء الداخل" النائمون في البرلمان الجزائري؟..

وما هي دوافع وغايات وخفايا تصريح معالي الوزير :"الجزائر كان يمكن أن تبقى فرنسية لولا حرب التحرير التي خاضها الشعب الجزائري ضد المستعمر الفرنسي وأنها كانت ما تزال تحت الوصاية الفرنسية قبل معاهدة روما". هل هو الخوف من غضب فرنسا مثلا؟ أم هو تطمين أن لفرنسا الاستعمارية بأن فردوسها المفقود يحنّ إليها وسيبقى وفيّا لـ"هويّتها" التي زرعتها في خلايا أصدقائها "الجزائريين".

من حقّ المواطن الجزائري أن يعرف ويفهم وتُكشف أمامه الحقائق حول حقيقة العلاقة الجزائرية الفرنسية، وهؤلاء الوزراء وحتى الذين يلبسون ثوب المعارضة الذين يحجّون إلى باريس كي يقدّمون إجابات عن استفسارات.. ومن حق المواطن الجزائري أن يفهم ما معنى أن يقوم وزير دولة مسؤول أمام الشعب الجزائري ومؤسساته بتقديم إجابات عن استفسارات حول شؤون داخلية أمام نوّاب دولة كانت استعمارية وستبقى استعمارية وألغامها المزروعة على أراضينا لمّا تزل تحصد أرواح البشر والحيوان وحتى الشجر والحجر ..

نعم، ندرك عمق التردّي الذي بلغه الأداء الوزاري الجزائري.. ولكن أن يبلغ هذا الحدّ.. فلم يبق إلا أن نقيم صلاة الغائب بالفرنسية على "شيء" اسمه تاريخ وانتماء.. ووطنية.. وبكل تأكيد لو أن حشّاشا كان على رأس وزارة سيحترم تاريخه وشعبته ودينه ولغته.. إلا إذا كان للوزير تاريخ آخر وشعب آخر ودين آخر ولغة أخرى.. ومرجع أوامر غير الذين انتخبهم شعب الجزائر العربي المسلم.

محمد ياسين رحمة