/

مقال الرأي

أحوال الناس

يأتي.. بقلم نسيم الواحة

يأتي من حيث لا يجيء

محملا بطرس جلابيب العراة

يأتي من ذاكرة وافرة بالوجع

متمنطقا سدّة من تصاريف الوقت

يكاهب على الصّمت كلما اتسعت رؤاه تاه خصره في الجلباب

يأتي كما لم يأت سيّد الطّير منشرح الجناح

يغرس زيتونه لأسراب معدّة من طين اللهفة الممتشقة

كم تدور سحنته بالكون فلا تعثر على الشّبيه

وإن صلب مئات الأعوام

يأتي زاده الأوّليّ من القصص المشتهاة

يدوزن أنخاب الصّدى

قالت :"رأيت القمر والشّمس له يسجدان "

تثاءبت أوراده وغطّت في المواجع ...

يأتي بطقوس لم تألفها ...ويستنهضها أن تهمّ به وجعا عن وجع فتنسى الدّعاء

يأتيي وقد أسهب في الرّحيل ...يتأوّد خطو الذّئب ...ململما أشلاء ماض مزّقته أنياب البرد

يحاصره فعل الإتيان

يأتي من صخب الأمكنة

من ميقات الرّجفة الحبلى وطنا

يأتي كالمستعيد زهرة الحلم من تفجّع عشبة صدر الرّحيل

تلك أنباؤنا

نحمّلها وهدة التّأمّل المرتجاة على نخب الانبعاث

ونملؤها مقلة الأمّ حينما تفيض بغدران الصرخة الأولى

نأتي من حيث لا نأتي

نصّاعد أفق الحقيقة فنحبلها إمعانا في الارتقاء

نثلج صدر المعنى

نبرق للأوّلين كيف نعبق بأنفاسهم

كيف يسترسل التّاريخ في الاستيقاظ

نأتي من حيث لايحتسب

متزمّلين عباءة الإقدام

نحتشد بالظّن ملاذا

نعيد تراتيلنا

نعلي من صرح نخلة شاهدة على حلولنا الفالق للصمت

نأتي ولا ننسى تفاصيلنا

وقد اعتكفنا شطرنا

نتواتر في المجيء

ما يغيّرنا كلفنا

وما نهلنا ما يسطرون

وحدنا نأتي فرادى

نشيّع للأرض أزكى الدّماء

ونملؤها بانتصاراتنا على المجاز

فنسحب من الغموض تجلينا

ونرفل في الصياغة على غير مثال

نأتي وفينا النّكهة العصيّة على سوانا

نأتي فتمتثل الكائنات

ونأتي ...كي نأتي أبدا